Admin المدير العام
مصر : الابراج : عدد المساهمات : 104 نقاط : 37626548 تاريخ التسجيل : 04/08/2014 العمر : 46
| موضوع: مسك الختام في الصلاة والسلام على خير الأنام (1) الأربعاء أغسطس 06, 2014 9:47 pm | |
| مسك الختام في الصلاة والسلام على خير الأنام (1) معنى الصلاة والسلام على خير الأنام الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم،فمن عظيم قدره ومكانته - صلى الله عليه وسلم - صلاة الله عليه والملائكة، وأمر سبحانه وتعالي المؤمنين بالصلاة والسلام عليه؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
عن الإمام أبي العالية -رحمه الله- قال: " صلاة الله على رسوله ثناؤه عليه عند الملائكة "[1].
وعنه -رحمه الله- في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﴾.
قال: صلاة الله -عز وجل- ثناؤه عليه، وصلاة الملائكة عليه الدعاء[2].
وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: وإنما هي ثناؤه سبحانه، وثناء ملائكته عليه[3].
وقال أيضًا: معنى الصلاة هي الثناء على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والعناية به، وإظهار شرفه وفضله وحرمته.
وقال: أن الله سبحانه أمرنا بالصلاة عليه عُقيب إخباره بأنه وملائكته يصلون عليه، والمعنى: أنه إذا كان الله وملائكته يصلون على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فصلوا أنتم أيضا عليه، فأنتم أحق بأن تصلوا عليه وتسلموا تسليمًا، لما نالكم ببركة رسالته، ويمن سفارته من خير شرف الدنيا والآخرة[4].
وقال الإمام بن كثير -رحمه الله-: المقصود من هذه الآية: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب:56]: أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه في الملأ الأعلى، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تصلى عليه، ثم أمر الله تعالى أهل العالم السفلى بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلى[5].
ويقول الشيخ الألباني: أولى ما قيل في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - قول أبى العالية: صلاة الله على نبيه: ثناؤه عليه وتعظيمه، وصلاة الملائكة وغيرهم عليه: طلب ذلك من الله تعالى، والمراد طلب الزيادة، لا طلب أصل الصلاة. ذكره الحافظ في الفتح[6].
وقال الغماري: يفيد تشريف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جهتين: الأولى: قال الإمام سهل بن محمد بن سليمان: هذا التشريف الذي شرف به محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بهذه الآية أجمع وأتم من تشريف آدم عليه السلام بسجود الملائكة له، لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في ذلك التشريف، وقد أخبر الله تعالى عن نفسه بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، ثم الملائكة بالصلاة عليه، فتشريف يصدر عنه أبلغ من تشريف تختص به الملائكة من غير أن يكون الله تعالى معها.
والثانية: أن الله تعالى أمر عباده بالصلاة على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وجعلها قربة يُتقرب بها إليه سبحانه، وهذا تشريف لم ينله رسول ولا ملك.
ثم نقل عن الحافظ السخاوي ما يشير إلى أن الملائكة لا يحصي عددهم إلا الله، وذكر أنواعهم، ثم قال: ومعلوم أن الجميع يصلون على سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنص القرآن حيث كانوا وأين كانوا، وهذا مما خصه الله به دون سائر الأنبياء والمرسلين[7].
وقال الإمام العز بن عبد السلام - رحمه الله -: ليست صلاتنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - شفاعة منا له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكن الله أمرنا بالمكافأة لمن أحسن إلينا وأنعم علينا، فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء، فأرشدنا الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه، لتكون صلاتنا عليه مكافأة بإحسانه إلينا، وأفضاله علينا، إذ لا إحسان أفضل من إحسانه - صلى الله عليه وسلم -[8].
يقول القاضي عياض - رحمه الله -: وأما التسليم الذي أمر الله تعالى به عباده فقال القاضي أبو بكر بن بكير: نزلت هذه الآية على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر الله أصحابه أن يسلموا عليه، وكذلك من بعدهم أمروا أن يسلموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند حضورهم قبره وعند ذكره، وفى معنى السلام عليه ثلاثة وجوه: أحدهما: السلامة لك ومعك، ويكون السلام مصدرًا كاللذاذ واللذاذة.
الثاني: أي السلام على حفظك ورعايتك متول له وكفيل به، ويكون هنا السلام اسم الله.
الثالث: أن السلام بمعنى المسالمة له والانقياد كما قال ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65][9].
إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكرم الخلق على الله تعالى، وأعظم رسول إلى بني آدم، فهو سيد المرسلين وخاتم النبيين كما صح عنه بأبي هو وأمي: " « أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ »[10].
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ما خلق الله ولا ذرأ ولا برأ أكرم عليه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما أقسم بحياة أحد قط إلا بحياة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وما ناداه ربه إلا بلقبه تعظيمًا لمكانته، وإظهاراً لشرفه وعلو قدره.
لذا فحق النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذه البشرية عظيم وعلى هذه الأمة – أمة الإجابة خاصة- أعظم.
فمن حقوقه الاعتقاد الجازم والإيمان الراسخ بأنه مُرسل من ربه جل وعلا، والتصديق بعموم رسالته إلى الجن والإنس كما في "صحيح مسلم" عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»[11].
ومن حقه على هذه الأمة إتباعه في كل قول وفعل "ماعدا ما اختص به" وإظهار سنته في كل المحافل، ونصرتها، والعمل على نشرها بين الناس، ومنها كثرة الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - [12].
ويقول علامة محدثي عصرنا الإمام الألباني رحمه الله: ولذا كل مسلم صادق في إيمانه لابد أن يتعرف على جملة طيبة من المكارم التي أكرم الله بها نبيه - صلى الله عليه وسلم -، والفضائل التي فضله بها على العالمين من الإنس والجن أجمعين، بل والملائكة المقربين، بأدلة ثابتة من الكتاب والسنة والنظر السليم فيها والاستنباط منهما، فان ذلك مما يزيده- بلا شك - إيمانًا وحبًا مخلصًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، هذا الحب الذي هو شرط أساسي أن يستقيم في قلب المؤمن بحب الله تعالى الذي تفضل بإرساله إلينا وأمتن - وله المنة - بذلك علينا، فقال تبارك وتعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2].
إلى أن قال: وإن مما لاشك فيه أن المسلم كلما كان بسيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم، وبمحاسنه وفضائله أعرف، كان حبه إياه أكثر، وإتباعه أوسع وأشمل [13]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] ذكره البخاري في كتاب التفسير تعليقًا بصيغة الجزم (4/1802) عن أبى العالية. [2] حسن: رواه إسماعيل بن إسحاق في "فضل الصلاة" (95) وحسن إسناده الألباني. [3] "جلاء الأفهام" لابن القيم ط دار الحديث (ص:89). [4] "جلاء الأفهام" لابن القيم ط دار الحديث (ص:90). [5] "تفسير القرآن العظيم" للإمام بن كثير (3/508). [6] "صفة صلاة النبي "للألباني ص165 ط. المعارف. [7] "دلائل القرآن المبين" للغماري ص 84-85؛ و"تقريب الوصول إلى معرفة الرسول" د /أحمد فريد [8] "سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد" للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي (12/411). [9] " الشفا " للقاضي عياض -رحمه الله- (2/44) ط. مكتبة الصفا- مصر-. [10] صحيح: رواه أبو داود (4675) وصححه الألباني، وهو عند مسلم بلفظ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ..." الحديث. [11] صحيح مسلم (403). [12] مقدمة فضيلة الشيخ: محمد حسن عبد الغفار لكتاب "مسك الختام" إعداد وترتيب كاتب المقال صلاح عامر. [13] "مقدمة بداية السول في تفضيل الرسول" للإمام بن عبد البر رحمه الله. تحقيق الألباني ص 1-6، "تقريب الوصول إلى معرفة الرسول" لفضيلة الشيخ د. أحمد فريد. | |
|