Admin المدير العام
مصر : الابراج : عدد المساهمات : 104 نقاط : 37626548 تاريخ التسجيل : 04/08/2014 العمر : 46
| موضوع: هل تعلم فوائد إخفاء الدعاء .....؟!!*(لابن القيم)* الأربعاء أغسطس 06, 2014 11:05 pm | |
| الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
إخفاء الدعاء :
" وفي إخفاء الدعاء فوائد عديدة :
أحدها أنه أعظم إيمانا لأن صاحبه يعلم أن الله تعالى يسمع دعاءه الخفي ، وليس كالذي قال أن الله يسمع إن جهرنا ، ولا يسمع إن أخفينا.
ثانيها أنه أعظم في الأدب والتعظيم ، ولهذا لا تُخاطَب الملوك ولا تسأل برفع الأصوات ، وإنما تُخفض عندهم الأصوات ، ويخفُّ عندهم الكلام بمقدار ما يسمعونه ، ومن رفع وصوته لديهم مقتوه ، ولله المثل الأعلى.
ثالثها أنه أبلغ في التضرع والخشوع الذي هو روح الدعاء ولبه ومقصوده ، فإن الخاشع الذليل الضارع إنما يسأل مسألة مسكين ذليل قد انكسر قلبه وذلت جوارحه وخشع صوته ؛ حتى إنه ليكاد تبلغ به ذلته ومسكنته وكسرته وضراعته إلى أن ينكسر لسانه فلا يطاوله بالنطق.
رابعها أنه أبلغ في الإخلاص.
خامسها أنه أبلغ في جمعية القلب على الله تعالى في الدعاء ، فإن رفع الصوت يفرِّقه ويشتته.
سادسها أنه دال على قرب صاحبه من الله وأنه لاقترابه منه وشدة حضوره يسأله مسألة أقرب شيء إليه ، فيسأله مسألة مناجاة للقريب لا مسألة نداء البعيد للبعيد.
سابعها أنه أدعى إلى دوام الطلب والسؤال ، فإن اللسان لا يمل والجوارح لا تتعب بخلاف ما إذا رفع صوته ، فإنه قد يكِلُّ لسانه وتضعف بعض قواه.
ثامنها أن إخفاء الدعاء أبعد له من القواطع والمشوِّشات والمضعفات ، فإن الداعي إذا أخفى دعاءه لم يدر به أحد ، فلا يحصل هناك تشويش ولا غيره ، وإذا جهر به تفطنت له الأرواح الشريرة والخبيثة من الجن والإنس فشوَّشت عليه ولا بد ، ومانعته وعارضته ، ولو لم يكن إلا أن تعلقها به يفرق عليه همته فيضعف أثر الدعاء لكفى.
تاسعها أن أعظم النعم الإقبال على الله والتعبد له والانقطاع إليه والتبتل إليه ، ولكل نعمة حاسد على قدرها ، دقَّت أو جلَّت ، ولا نعمة أعظم من هذه النعمة ، فأنفس الحاسدين المنقطعين متعلقة بها ، وليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد ، وأن لا يقصد إظهارها له ، وكم من صاحب قلب وحال مع الله قد تحدث بها وأخبر بها فسلبه إياها الأغيار ، فأصبح يقلِّب كفيه ، ولهذا يوصي العارفون والشيوخ بحفظ السر مع الله ، وأن لا يطلعوا عليه أحدا ، ويتكتمون به غاية التكتم ؛ كما أنشد بعضهم في ذلك :
من سارروه فأبدى السِرَّ مجتهدا لم يأمنوه على الأسرار ما عاشا وأبعدوه فلم يظفر بقربهم وأبدلوه مكان الأنس إيحاشا لا يأمنون مذيعا بعض سِرَّهم حاشا وِدادهم من ذلكم حاشا والقوم أعظم شيء كتمانا لأحوالهم مع الله وما وهب الله لهم من محبته والأنس به ؛ ولا سيما للمبتدىء والسالك ، فإذا تمكن أحدهم وقوي وثبتت أصول تلك الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء في قلبه ؛ بحيث لا يُخشى عليه من العواصف ، فإنه إذا أبدى حاله وشأنه مع الله ليُقتدى به ويُؤتم به لم يبالِ.
عاشرها أن الدعاء هو ذكر للمدعو سبحانه متضمن للطلب منه والثناء عليه بأسمائه وأوصافه فهو ذكر وزيادة " | |
|